الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فقد بحثت كما بحث غيري منذ ليلة الجمعة 28 يناير 2011م على السيد عمرو خالد فلم أعثر عليه قط، فسألت عن ظروف مرضية أو عائلية حالت بينه وبين مناصرة الوطن أو بيان الحق أو دفع الباطل أو الانتصار للشهداء أو رعاية المصابين فلم أجد عذرًا، بل عرفت أنه مشغول بتأسيس حزب جديد!!
فقلت لا بأس، ولكن هل هذا هو الوقت المناسب!! وماذا يريد داعية يزعم أنه يبتعد عن السياسة دائمًا من تأسيس حزب سياسي!! ولماذا في هذه الأيام؟ هل إمعانًا في التشتيت!! أم صرفًا للناس عن التوحد جميعًا في خندق الدفاع عن الإسلام!!!
ولكن لما وصلنا لمرحلة الإعادة في الانتخابات الرئاسية توقعتُ أن من حدثنا عن الإيجابية كثيرًا لن يسكت بحال!!
ومن حدثنا عن صناعة الحياة لا يرضى بحال عن تدمير الحياة!
ومن قدَّم لنا على خطى الحبيب لن يموت أبدًا على خطى شفيق، وهو يعرف أن خطى الحبيب تعني مناصرة أهل الحق ومدافعة الظالمين، إلا إذا كان يرى أن شفيق على خطى الحبيب ومرسي على خطى تل أبيب!!!
دافعت عن عمرو كثيرًا وهو لا يعرفني وربما كنتُ أختلف معه، ولكن لم أكن أسمح لنفسي أو لأحدٍ بحال أن ينتقص منه؛ وذلك ليقيني أنه حتى وإن أخطأ فإنه لا يريد إلا الحق،
وتوقعتُ أنه سيدافع عن إخوانه الإسلاميين من كل التيارات حتى وإن اختلف معهم ليقينه أنهم لا يريدون إلا الحقَّ حتى وإن أخطأوا ولكنه للأسف لم يفعل!!
قلت إذا لم يكن الداعية أمام قومه في الأزمات ورائدهم إلى الحق في الفتن والابتلاءات فمتى إذًا؟!!
إذا لم ينتصر الداعية للشريعة الإسلامية ويسعى لإعادتها كمنهج حياة فمتى ينتصر؟
إذا لم ينتصر الداعية للقرآن ويقاوم مَن يعلن حذف الآيات من المناهج فمتى إذًا يتكلم؟!!
إذا لم يعلن الداعية بوضوح مناصرته لدماء الشهداء فما قيمته؟!
كنت أتوقع أن يقتدي عمرو بالمنافسين الشرفاء كالدكتور أبو الفتوح أو عبد الله الأشعل ولكنه لم يفعل!!
كنت أتوقع أن يقتدي عمرو بالشرفاء من المخالفين للمشروع الإسلامي كعلاء الأسواني أو محمود سعد أو حمدي قنديل أو بلال فضل أو حتى أحمد نجم، أو يقتدي بنجوم الكرة كمحمد رمضان أو أبو تريكة وحمص أو غيرهم!!!
أو يقتدي بالفنانين كوجدي العربي أو حنان ترك أو أشرف عبد الغفور أو غيرهم!!!!!!
إذا لم يكن يريد أن يقتدي بالجمعية الشرعية أو بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح أو مجلس شورى العلماء أو الدعوة السلفية أو نقابة الدعاة أو الشيخ القرضاوي أو الدكتور محمد عبد المقصود أو الشيخ محمد حسان أو الشيخ الحويني أو الدكتور زغلول النجار أو الدكتور عمر عبد الكافي أو الدكتور صلاح سلطان أو غير هؤلاء السادة الإعلام!!
فمن قدوته إذًا؟!
أقول: إن نصرة الإسلام شرف ليس كل الناس يستحقونه، وإن الوقوف في المنطقة الرمادية في الأيام الفاصلة ليس زهدًا ولا ورعًا ولا علمًا بل هو من آيات الخذلان.
إن الله غني عن عباده، ولكنه الاختبار، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة
انه الاختبار قال تعالى: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ) (محمد: من الآية 4)
إن التاريخ لم يخلد لنا أحدًا من علماء المنطقة الرمادية أو أصحاب المواءمة السياسية
إنما خلَّد لنا المجاهدين الذين تكلموا يوم أن سكت الناس، وصمدوا يوم أن تخاذل الناس، وجهروا بالحق في وجه الظالمين وتحملوا الإيذاء والحبس والجلد والتعذيب، واسأل عن الأئمة الأربعة، وعن العز بن عبد السلام وابن تيمية وسعيد بن جبير وسيد قطب وغيرهم من أعلام الأمة، أما أصحاب المواقف الرمادية فقد تجاهلهم التاريخ وانقطع في العالمين ذكرهم.
إني لأعجب من ادعاء عمرو الحيادية في هذا الوقت؟ لأنه بهذا يعلن أن الدكتور مرسي لا فرق بينه وبين شفيق، وأن حافظ القران كحاذف القرآن!! وأن مَن يُنادي بالشريعة كمَن يعلن تركها!! وأن مَن يؤيده العلماء والفقهاء كمَن يؤيده القتلة والظالمون والمفسدون واليهود والأمريكان!! وأن مَن قدوته محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كمَن قدوته محمد حسني مبارك!! وأن مَن معه مشروع النهضة التي تحلم به الأمة بأسرها كمَن معه مشروع التبعية والاستبداد والتخريب وأمن الدولة!!!
قال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ 35 مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 36) (القلم).
والله إنها أيام التمحيص والتمايز والفرز، وهي مواجهة بين الحق والباطل، بين الهدى والضلال، بين الزبد وبين الحقيقة (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) (الرعد: من الآية 17).
أنها أيام وتنكشف ساحة المعركة بإذن الله عن نصرة المجاهدين الصادقين وعن صرعى الهوى والمصلحة وعن جنود الباطل وحزب الطغيان.
وإني أنادي على الأخ عمرو خالد حبًّا لا بغضًا وشفقةً لا احتياجًا، أن اركب معنا فلا عاصم من أمر الله إلا مَن رحم، وأن سارع بالانحياز لقطار النصر وأهل الحق قبل أن يأتي الطوفان فتكون من المغرقين، وساعتها لن يسمع لك أحد ولن يصدقك أحد، وأربأ بك أن تكون كذلك، وأطمعُ في دينك أن تُراجع نفسك، وأخيرًا إن من حقك عليَّ- كما قال صلى الله عليه وسلم “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا”، وها أنا أنصرك في الحالتين فابسط يدك ولا تقبضها، وسارع الخطى ولا تتأخر وإنا في انتظارك.. وأظنك قادمًا.. وإنها لساعات قلائل ونحتفل بالنصر إن شاء الله معًا، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أخوك د. جمال عبد الستار محمد الأستاذ بجامعة الأزهر والمنسق العام لنقابة الدعاة