فرانسوا هولاند هو المرشح الرئاسي الذي استطاع أن يحقق فوزا بالجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وهو شخص سياسي متمرس، إلا أنه لم يشغل منصبا حكوميا رسميا من قبل.
ويعتبر الكثيرون هولاند معتدلا وهادئا، ويتعارض بشكل كبير مع شخصية ساركوزي المحافظ الذي يتمتع ببريق شديد، والذي سيواجه هولاند في جولة الإعادة يوم 6 مايو/آيار.
ويقول أنصار هولاند إن هذه الشخصية المتواضعة التي كانت حتى وقت قريب تفضل السفر والعمل في صمت، لديها تصميم فولاذي على تحقيق الفوز وقيادة البلاد.
ولكي يصل إلى السباق النهائي في انتخابات الرئاسة الفرنسية، كان علي هولاند أن يجتاز الانتخابات الأولية الصعبة التي وضعت حياته السياسية والخاصة على المحك.
وكانت واحدة من أصعب لحظات المنافسة وأكثرها اثارة عندما قامت منافسته في الحزب الاشتراكي سيجولين رويال، وهي شريكته لما يقرب من ثلاثة عقود، وأم لأبنائه الأربعة، بالإعلان عن دعمها له للترشح للرئاسة.
وكانت سيجول منافسة قوية في انتخابات 2007 أمام ساركوزي.
العمل الحزبي
ولد هولاند في 12 أغسطس/آب عام 1954 في مدينة روان في الشمال الغربي للبلاد وكان والده طبيبا.
وتخرج هولاند من كلية الإدارة الوطنية حيث التقي برويال، وكان هولاند نشيطا في دراسته للسياسة والتحق بالحزب الاشتراكي عام 1979، ولعب دورا عندما كان مستشارا اقتصاديا للحزب خلال حكم الرئيس الاسبق فرنسوا ميتران.
وكان هولاند نائبا في البرلمان منذ عام 1988 وهو يمثل دائرة انتخابية في المنطقة الجنوبية الوسطى بمدينة كوريز.
واستطاع هولاند أن يخلف ليونيل جوسبان في رئاسة الحزب الاشتراكي عام 1997، وشغل هذا المنصب لأكثر من عقد من الزمان.
وفي عام 2008، وخلال وقت الشدة التي عاناها الحزب عقب هزيمة رويال أمام ساركوزي في الانتخابات الرئاسية عام 2007، لم يكن هناك ظهور واضح لهولاند.
واتضح بعد ذلك أنه كان على علاقة عاطفية بصحفية تدعى فاليري تريويلر، وكانت تعمل مراسلة لمجلة باريس ماتش الخاصة بمتابعة الأحداث الجارية، والتي تكتب كثيرا عن تلك الانتخابات.
وقد سبب الانشقاق الذي حدث بعدها بين هولاند وشريكته رويال حرجا كبيرا للحزب لفترة طويلة.
ولكن في مايو عام 2011 وقعت فضيحة أخرى هزت الحزب بشدة، وكان ذلك عندما ألقي القبض على القيادي الواعد بالحزب دومنيك ستراوس-كان في مدينة نيويورك إثر اتهامات بمحاولة اغتصاب، وهي تهم أُسقطت في وقت لاحق.
وفي أعقاب هذه الأشهر الصعبة، بدأ العديد يرون في هولاند أنه أفضل رهان متاح لخوض انتخابات الرئاسية 2012.
"رجل دولة"
ولعل من أبرز ما حظي به هولاند مؤخرا هو الإشادة والدعم الذي تلقاه من الرئيس السابق جاك شيراك ذي الاتجاه المحافظ.
فقد وصفه شيراك في مذكراته بأنه "رجل دولة حقيقي" قادر على تخطي الفوارق الحزبية.
وقد استقبل البعض هذه الاشارات من شيراك على أنها موجهة في الأساس ضد ساركوزي الذي سخر منه شيراك علانية في كتابه.
وينظر المراقبون لهولاند على أنه معتدل في الغالب، ولكنه كمرشح اشتراكي عليه أن يكافح بحملته ضد عدد من السياسات الاقتصادية القاسية.
وهناك تصريحات لهولاند قال فيها: "نحن لا نريد اليسار المتشدد"، وكان ذلك خلال مناظرة بينه وبين منافسه مارتن أوبري للفوز بترشيح الحزب الإشتراكي في التصفيات الداخلية.
وقال أيضا: "نحن على أعتاب الخروج من خمس سنوات من فترة رئاسية قاسية، فهل نقدم ترشيحا انقساميا مرة أخرى؟ أنا لا أريد ذلك، فنحن بحاجة أيضا إلى يسار قوي."
وهناك مقترحات لدى الحزب الاشتراكي بفرض نحو 75 في المئة كضريبة على الدخل تطبق على الأثرياء الذين تتخطى دخولهم مبلغ مليون يورو، كما أن هناك مقترحات أيضا بتعيين نحو 60 ألف من المعلمين الجدد.
وقد تعهد أيضا بإعادة التفاوض بشأن معاهدة الاتحاد الأوروبي للنمو المالي، والتي وقعها الرئيس ساركوزي.
ويبدو أن فكرة الضريبة المقترحة التي تبلغ 75 في المئة على الدخل الذي يتجاوز مليون يورو كانت تمثل مفاجئة لزملائه، بينما كانت محل انتقاد شديد من قبل منافسيه.
وانتقد جين-فرانسوا كوب رئيس الحزب الحاكم الذي يتزعمه ساركوزي الاقتراح الذي يهدف إلى تعيين آلاف المعلمين ووصفه بـ "المجنون".
وقامت الصحفية ماري-إيف التي كتب سيرة هولاند مؤخرا تحت عنوان "قوة السيد اللطيف"، برسم صورة لهولاند تظهره فيها كرجل يتمتع بطموح قوي للوصول إلى القمة، وفي الوقت نفسه شخص ينأى بنفسه عن الصراع