بلال فضل يكتب ..عن أى دين تدافعون؟!


بقلم بلال فضل في : قبل أن تخرجوا من بيوتكم لكى تذهبوا لهدم كنيسة لن يضر وجودها بإيمانكم، قبل أن تقفوا على النواصى بالسنج والشوم لتعتدوا على المسيحيين، متصورين أن فى ذلك دفاعا عن الإسلام، هل تعرفون تعاليم الدين الذى تتصورون أنكم تدافعون عنه؟

أين أنتم من الرسول صلى الله عليه وسلم، الذى عندما جاءه وفد من نصارى الحبشة أنزلهم فى المسجد وقام بنفسه على ضيافتهم وخدمتهم إكراما منه لهم لأنهم أكرموا أصحابه، وعندما جاء وفد نصارى نجران إليه فعل معهم نفس الأمر وسمح لهم بإقامة صلاتهم فى المسجد، فكانوا يصلون فى جانب منه، ورسول الله والمسلمون يصلون فى جانب آخر. أين أنتم من حديثه الذى رواه البخارى أن من قتل قتيلا من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة؟ هل تعرفون أن الرسول عليه الصلاة والسلام، لما وجد بين غنائم حصن خيبر نسخا من التوراة بعد فتحه أمر بردها إلى اليهود لكى يعلموا أولادهم دينهم؟ هل تعرفون أن هناك آيات فى القرآن نزلت تعاتب الرسول وتطلب منه أن يستغفر الله لمجرد أنه كاد يدين يهوديا بالسرقة ظلما لمصلحة رجل من الأنصار، «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما»؟ أين أنتم من سيدنا عمر بن الخطاب الذى رفض أن يصلى فى كنيسة القدس لكى لا تتخذ من بعده مسجدا؟ وعندما شكت إليه امرأة مسيحية من سكان مصر، أن عمرو بن العاص قد أدخل دارها فى المسجد رغما عنها، لم يهتم بتبريرات عمرو بأن مصلحة المسلمين تقتضى ذلك بسبب ضيق المسجد، وأنه عرض عليها أموالا طائلة فلما رفضت، هَدَمَ بيتها ووضع قيمة الدار فى بيت المال، لكن عمر بن الخطاب أمره أن يهدم البناء الجديد من المسجد ويعيد إلى المرأة المسيحية دارها كما كانت. من يفعل ذلك الآن فى عصر نزع الملكية للمنفعة العامة؟ (راجع مصطفى السباعى فى كتابه «من روائع حضارتنا» وفهمى هويدى فى كتابه «مواطنون لا ذميون»).

أين أنتم مما حدث فى كنيسة يوحنا الكبرى فى دمشق التى أصبحت الجامع الأموى فى ما بعد، وقد رضى المسيحيون حين الفتح أن يأخذ المسلمون نصفها، ورضى المسلمون أن يصلوا فيها صلاتهم، فكنت ترى فى وقت واحد أبناء الديانتين يصلون متجاورين، هؤلاء يتجهون إلى القبلة وأولئك يتجهون إلى الشرق؟ أين أنتم من أيام الخلافة الإسلامية التى كان معيار تولى المناصب فيها الكفاءة لا الدين، لدرجة أن المستشرق آدم ميتز فى كتابه عن الحضارة الإسلامية فى القرن الرابع الهجرى يقول تعليقا على ملاحظته كثرة العمال غير المسلمين فى الدولة الإسلامية: «كأن النصارى هم الذين يحكمون المسلمين فى بلاد الإسلام»؟ ألستم تحرمون سب سيدنا معاوية كاتب الوحى، فما بالكم تتناسون أنه أسند الإدارة المالية فى دولته لأسرة مسيحية توارث أبناؤها الوظائف لمدة قرن من الزمان بعد الفتح الإسلامى؟

هل تعلمون أن المجتمع الإسلامى فى عصور قوته لم يوفر حرية العبادة لليهود والمسيحيين فقط، بل وفرها للبوذيين والهندوسيين والزرادشتيين وأصحاب الديانات الأرضية، وقد كان للمجوس فى القرن الرابع الهجرى كاليهود والنصارى، رئيس يمثلهم فى قصر الخلافة ودار الحكومة، بل إن الفقهاء قبلوا زواج المجوسى من ابنته ما دامت شريعته تبيح ذلك، فى «المغنى» لابن قدامة أن مجوسيا تزوج ابنته، فأولدها بنتا، ثم مات عنها فكان لها الثلثان مما ترك، وهو الأمر الذى أثار حفيظة الخليفة عمر بن عبد العزيز، فكتب إلى الحسن يسأله ما بال من مضى من الأئمة قبلنا، أقروا المجوس على نكاح الأمهات والبنات، فكتب إليه الحسن قائلا: أما بعد، فإنما أنت متبع ولست بمبتدع، يعنى أن الرسول عاملهم كأهل ذمة، لهم شرائعهم الخاصة التى أقروا عليها، وهو ما تؤكده إشارة أبى عبيد صاحب الأموال إلى قول عبد الله بن عون: سألت الحسن البصرى عن نيران المجوس، لم تركت؟ قال: على ذلك صولحوا. وها نحن فى أيام مثل تلك الأيام نرى واحدا من أعظم علماء الفكر الإسلامى هو أبو الريحان البيرونى يروى كيف عثر على كتاب من كتب مذهب المانوية يتضمن كيدا للأديان والإسلام من بينها، ولكنه لا يطالب بمصادرته أو حرقه، بل يقول «فغشينى له من الفرح ما يغشى الظمآن من رؤية الشراب»، إنه هنا فرح العالم الواثق من دينه وحجته، والذى يعلم أن دينا يهزه كتاب هو دين لم يرسخ فى قلب المؤمن به.

كيف تهون عليكم النفس الإنسانية التى كرمها الله؟ كيف تنسون أنكم تنتمون إلى دين كرم الطير والحيوان فإذا بكم تهينون الإنسان الذى كرمه الله؟ يقول الشيخ محمد الغزالى «كل إنسان له فى الإسلام قدسية الإنسان، إنه فى حمى محمى وحرم محرم، ولا يزال كذلك حتى يهتك هو حرمة نفسه بارتكاب جريمة ترفع عنه جانبا من تلك الحصانة، وهو بعد ذلك برىء حتى تثبت جريمته، وهو بعد ثبوت جريمته لا يفقد حماية القانون كلها، لأن جريمته ستقدر بقدرها، ولأن عقوبته لن تجاوز حدها، فإن نزعت عنه الحجاب الذى مزقه هو فلن تنزع عنه الحجب الأخرى، بهذه الكرامة يحمى الإسلام أعداءه كما يحمى أبناءه وأولياءه، إنه يحمى أعداءه فى حياتهم، ويحميهم بعد موتهم… هذه الكرامة التى كرم الله بها الإنسانية فى كل فرد من أفرادها، هى الأساس الذى تقوم عليه العلاقات بين بنى آدم».

يقول الأستاذ فهمى هويدى معلقا: «فى ظل ذلك نقرأ القصة التى يسجلها البخارى من أن النبى قام من مجلسه تحية واحتراما لجثمان ميت مر أمامه وسط جنازة سائرة، فقام من كان قاعدا معه، ثم قيل له فى ما يشبه التثبت ولفت النظر: إنها جنازة يهودى، عندئذ جاء رد النبى واضحا وحاسما: أليست نفسا؟ أليس إنسانا من خلق الله وصنعه؟ ومن هذا المنطلق كان عقاب سيدنا عمر لواليه عمرو بن العاص عندما ضرب ابنه صبيا قبطيا، فأصر عمر على أن يقتص الصبى القبطى من ابن الوالى قائلا له اضرب ابن الأكرمين، ثم وجه تعنيفه إلى القائد المسلم، قائلا: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا». وقد استحضر الإمام على بن أبى طالب تلك المعانى فى كتابه إلى مالك الأشتر حين ولاه مصر بعد مقتل محمد بن أبى بكر عندما قال له «وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم، واللطف بهم، فإنهم صنفان، إما أخ لك فى الدين أو نظير لك فى الخلق».
اللهم اغفر لبعض قومى فإنهم لا يعلمون عن أى دين يدافعون.
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

7 التعليقات

  1. غير معرف يقول:

    اراجل اتقي الله اين انت من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرأ كذبا أن يحدث بكل ما سمع" على اساس ان المسلمين هما اللي هدوا الكنيسه ولا المسلمين هما اللي نزلوا ضربوا اتقي الله في كلامك تسأل عليه قدام ربنا ياريت تجيب دليل واحد على كلامك بدل ما انت بتتكلم وخلاص
    اسمع كلام الانبا هيدرا وهو بيقول محدش لمس الكنيسه
    وافضل اتمسح فيهم كده لغاية ما هيقلبوا عليك وافتكر من ابتغى العزه عند غير الله ذ

  2. علي عبد الحي يقول:

    للأسف الشديد ي أخ :بلال انت طلعت فشنك . انت غير موضوعي وغير علمي وغير منطقي في كل ما طرحته وما ستطرحه من بعد . لم تكلف نفسك عناء البحث عن أسباب المشكلة التي صدعت رأسنا بمقالك وكتبته لنا ليرفع ضغط كل المسلمين في مصر وفي كل أنحاء العالم . من قال لك أن المسلمين يريدون هدم كنائس اخوانهم المسيحين ؟ وإذا كان ذلك كذلك . لماذا لم يفعلوا من مئات السنين ؟ أتعرف لماذا لأن المسلمين في مصر وأنت واحد منهم يكنون لكل السيحين ودور عبادتهم كل تقدير واحترام . . لماذا لم تعلق على استفزازاتهم للشعور الإسلامي في كل الفيديوهات المعروضة على اليوتيوب ؟ أم أنت اصم لا تسمع أو أعمى لاترى ؟ لماذا لا تحاول أن تسمع ما قاله الأنبا ( هيدرا ) أنا أعتقد ان حديث الأنبا لو كان 1% فقط منه صحيح فهي كارثة . نعم كارثة بمعنى الكلمة يا سيد بلال . كان الله في عون مصر إذا كان مثقفيها من أمثالك أنت ابراهيم عيسى ويسري فوده ومى الشاذلي .. لقد أحببتك منذ أيام الثورة . وأنا الآن بقدر ما أحبتك بقدر ما احتقرت فكرك وأسلوبك الملتوي .

  3. وأنت عن أي أناس تدافع
    إذا كان القسيس الشريف المنصف قال بأنه لم يتعرض أحد للمسيحيين ولم ينزل أحد الجرس لأنه لم يتم شراؤه من الأساس

    أنت تعاملت مع الكذب على أنه حقيقة لا تقبل النقاش وعملت عليه مقال صحفي
    روح ياشيخ الله يخرب بيتك زي ما أنت عاوز تعمل فتنة

  4. غير معرف يقول:
    أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
  5. mohey يقول:

    سيادة البلَال الفُضل عذرا
    من انت حتي تتكلم عن الاسلام وعن قوة الاسلام و سماحتة
    وباي فهم تتكلم اهو فهم النبيين او الصالحين ام فهم الفُضل
    لا ادعي انني كنت ممن تأثروا بك مثلك مثل الكثيرون من عمالقة الليبرالية
    وذلك لقولهم الحق او ما ظننته حق ايام المشلوح امثال ابراهيم عيسي و عمرو اديب و عبد الحليم قنديل و جورج اسحاق وغيرهم و غيرهم كثيرون
    لكن الله اظهر كل علي حقيقتة وتتضح السرائر واخاف عليك ان تكون ممن قيل فيهم انه " رجل لايعلم ولايعلم أنه لايعلم فهذا جاهل فاحذروه "
    قال تعالى (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون)

  6. غير معرف يقول:

    يعنى اية سياتك انت واطرف الاخر برىىىىىى من وجهة نظرك يظهر انك مش عايش فى مصر

  7. غير معرف يقول:

    قال الله تعالى (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ( 103 ) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ( 104 ) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ( 105 ) )

شارك بتعليقك

:: تصميم : ويب توفيل | تعريب وتطوير مدونة الاحرار - 2012 | | تحويل القالب الي بلوجر سمبل دزاين | تابعنا على الفيس بوك | سياسة الخصوصية::