أقلية الطغاة وتأسيسية الدستور - فراج إسماعيل


ما يجرى بخصوص تأسيسية الدستور التى جرى التصويت على اختيار أعضائها أمس فى اجتماع مجلسى الشعب والشورى، يعكس رغبة البعض فى التعطيل واختلاق الأزمات عقب التوافق الذى تم بين القوى والأحزاب السياسية بحضور المجلس العسكرى.
حاول الدكتور أيمن نور جاهدًا توضيح أن ما يحتج عليه المنسحبون لا أساس له، لأن الاتفاق يمنح التيار الإسلامى حصة 50 عضوًا، إلا أن المعترضين مثل عماد جاد يصرون على سلب هذا الحق، بل اعتبار الحصة المخصصة للكنيسة تدخل ضمن تيار الإسلام السياسى، كما يسمونه!
الأزهر والكنيسة جزء من مؤسسات الدولة التى يسمونها "مدنية"، ولا يحسب أى منهما على التيار الدينى، والدليل أن هاتين المؤسستين كانتا فى مقدمة المنسحبين من الجمعية التأسيسية السابقة التى أوقفها حكم الإدارية العليا.
لكن المنسحبين يعبرون عن مصالح حزبية ضيقة تؤكد أن القوم لن يرضوا إلا بسلب شرعية الأغلبية التى لا يعكسها البرلمان فقط بل التكوين الفعلى للمجتمع، فمن غير المعقول مثلاً أن يعتقد حزب "التجمع" أنه ممثل حقيقى عن تيار فاعل، فهو مجرد ديكور ليس له تأثير انتخابى أو فى الشارع.. بل لا يزيد عن كونه جزءًا من الماضى.
لقد تم الاتفاق على 39 عضوًا يمثلون حصة الأحزاب، منهم 16 لحزب الحرية والعدالة بوصفه الأكثر تمثيلاً فى البرلمان. هذه حصة توافق عليها الجميع وخرجوا راضين بها، فما حجة المنسحبين الآن فى أن الإخوان المسلمين يصرون على منح أنفسهم امتيازًا خاصًا دون باقى القوى السياسية باستئثارهم على ما يعادل ثلثى حصة الأحزاب جميعًا؟!
ما هو المنطق الذى يريد مساواة حزب ليس لديه تمثيل برلمانى أو يحوز مقعدًا واحدًا أو أكثر قليلاً، بحزب يحوز أغلبية المقاعد.. أى قسمة تلك التى يريدونها؟.. ثم لماذا يرتدون الآن بعد أن تم صياغة الاتفاق الذى ينص على ذلك وإعلانه للجميع؟!
إنها الرغبة فى التعطيل والحركة "مكانك سر" والاستمرار فى رمى التيار الإسلامى بواسطة الماكينة الإعلامية الجبارة التى يوجهونها صوبهم ليل نهار.
ما يفعله المنسحبون يمثل ديكتاتورية أقلية الطغاة التى لن تهدأ إلا إذا سيطرت بحناجرها العالية على المجتمع. 
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

0 التعليقات

شارك بتعليقك

:: تصميم : ويب توفيل | تعريب وتطوير مدونة الاحرار - 2012 | | تحويل القالب الي بلوجر سمبل دزاين | تابعنا على الفيس بوك | سياسة الخصوصية::