مرشح الصندوق الأسود - وائل قنديل

إذن وبلا مواربة تستطيع أن تقول إن الصندوق الأسود الذى هدد به الجنرال عمر سليمان معارضيه خلال أسبوع إعلان ترشحه، قد أصبح تحت يد خلفه الجنرال شفيق.


إن شفيق فى رده على النائب عصام سلطان يقدم نفسه باعتباره مالك خزائن أمن الدولة، ويعرف دروبها ومسالكها، ويضع كل ملفاتها فى جيبه، وبالأسماء والحروف والأكواد، يتوعد كل من يقف فى طريقه بخراطيم الفضائح وخراطيش التشويه، وغازات الشائعات السامة، ويلوح بقدرته على شحن معارضيه فى طائرات إلى المنافى، أو إلى المدافن.

وإذا كان مرشح نظام مبارك يستخدم مثل هذه الأسلحة الفتاكة غير المشروعة والانتخابات لم تجر بعد، فماذا يمكن أن يفعل لو سقطت البلاد تحت حكمه؟ أغلب الظن أن المشانق ستنتشر بدلا من أعمدة الإنارة فى الشوارع، والمقاصل ستوضع مكان النوافير فى الميادين، وستكون المعارضة طريقا إلى القبور، وليس إلى صناعة التغيير، وتتحول الدولة إلى مجتمع بوليسى.


ومن الواضح أن السيد شفيق يريد العودة إلى الساحة فى شخصية أمير الانتقام، ولكى تفهم إلى أين من الممكن أن تنحدر مصر ارجع بالذاكرة إلى بدايات مارس 2011 وراجع كيف تم خلع أحمد شفيق من كرسى رئاسة الحكومة.. ففى صباح الأول من مارس بعد خلع مبارك بثلاثة أسابيع، كان أول لقاء بين المجلس العسكرى والدكتور محمد البرادعى وعدد من الشخصيات العامة من بينها الدكتور أحمد كمال أبو المجد وعمرو موسى وكمال الجنزورى والكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة رئيس مجلس تحرير «الشروق».. كان الاجتماع بناء على دعوة من المجلس العسكرى للبحث فى كيفية الخروج من أزمة الاعتصام المستمر فى ميدان التحرير.


وحسب رواية البرادعى التى نشرتها «الشروق» يوم 2 مارس «يرى المجلس العسكرى أن منسوب طلبات الميدان يرتفع بشكل مستمر، فرد البرادعى بأن هناك مطالب مشروعة ينادى بها المتظاهرون فى ميدان التحرير من شأن الاستجابة لها أن تنهى المشكلة، وهى إقالة حكومة شفيق وتشكيل حكومة جديدة برئاسة آخر، ولا تضم الوزراء الذين عينهم الرئيس السابق، وإلغاء قانون الطوارئ والإفراج عن المعتقلين، وتغيير رؤساء تحرير الصحف الحكومية وقيادات التليفزيون الرسمى»


وفى خلفية المشهد وعبر اتصالات عديدة أبلغ المجلس العسكرى البرادعى بأنه استجابة لمطالب الثورة ستتم إقالة أحمد شفيق.. وقد كان.


ومن هنا يصبح مضحكا ومبكيا فى وقت واحد أن يجرى طرح شفيق فى سباق انتخابات الرئاسة باعتباره مرشح العسكر، بل إنه لا يفوت فرصة دون الإيحاء بذلك، وتصريحه الأخير بأن القوات المسلحة ستخمد ميدان التحرير ــ كما فعلت فى العباسية ــ لو خرجت مظاهرات ضد فوزه، يكشف إلى أى حد يعتبر نفسه فى حمى المؤسسة العسكرية، ورعايتها، حتى لو أدى الأمر إلى سحق آلاف المواطنين ودفنهم أحياء فى ميدان التحرير. 


إنه على هذا النحو يرى نفسه مرشح جمهورية الخوف والقوة الباطشة، وليس مرشح دولة القانون والكرامة الإنسانية.. فتحسسوا رءوسكم
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

0 التعليقات

شارك بتعليقك

:: تصميم : ويب توفيل | تعريب وتطوير مدونة الاحرار - 2012 | | تحويل القالب الي بلوجر سمبل دزاين | تابعنا على الفيس بوك | سياسة الخصوصية::