أصبح
مستحيلاً إصدار دستور جديد قبل الانتخابات الرئاسية إذا أُجريت فى موعدها،
ولذلك صار واجباً السعى إلى توافق على الإطار الدستورى الذى يمكن العمل به
خلال الفترة بين انتخاب الرئيس وإصدار الدستور، حتى لا يحدث خلاف لا تُحمد
عقباه. ولدينا ثلاثة بدائل سيئة ولكنها الأكثر تداولاً بالرغم من وجود
بديل أفضل منها، فأما الخيارات الأسوأ فهى: إصدار إعلان دستورى مكمل،
وتفعيل دستور 1971 كما هو، واستمرار الإعلان الحالى الصادر فى مارس 2011.
أما الخيار
الأفضل فهو إعادة العمل بدستور 1971بعد إجراء تعديلات فى بابه الخامس
الخاص بنظام الحكم، وفى بضع مواد قليلة فى بعض الأبواب الأخرى، واعتباره
دستوراً مؤقتاً لأربع أو خمس سنوات إلى أن يتيسر إنقاذ البلاد من الفوضى
الأمنية والانهيار الاقتصادى والمراهقة السياسية.
ولو أننا
فعلنا ذلك منذ البداية، لتجنبنا الاستقطاب الذى أحدثته تعديلات مارس 2011
الدستورية والاستفتاء الذى قسّم البلاد على أساس دينى مفتعل، وخلق
انقساماً لا يزال يسمِّم الحياة السياسية حتى اليوم.
والأرجح أنه
لن يكون صعباً التوافق على تعديلات طفيفة فى البابين الأول والثالث لا
تتجاوز 9 مواد، فهناك المادة الخامسة التى يمكن إعادتها إلى ما كانت عليه
بعد تعديلها عام 1980 وقبل التعديل الذى حدث عام 2007، مع استبعاد عبارة
«وينظم القانون الأحزاب السياسية» الواردة فى نهايتها، كما يمكن استبعاد
عبارة «وفقاً لأحكام القانون» أو «فى حدود القانون» من المواد 41، و44،
و45، و48، و55، و58، و61 وعبارة «إلا فى الأحوال المبينة فى القانون» من
المادة 50.
كما لن يكون
هناك خلاف ملموس على إجراء تعديلات أساسية فى نحو 20 مادة من الباب الخامس
الخاص بنظام الحكم لإزالة الأساس الاستبدادى الأبوى، الذى قامت عليه سلطة
فردية طاغية، بهدف الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية وتحويل مجلس الوزراء
إلى مؤسسة تقوم بدور معتبر فى إدارة السلطة التنفيذية إلى جانبه. ويتطلب
ذلك بداية تعديل المادة 73 التى تجعل رئيس الجمهورية فوق السلطات كلها
وراعياً للحدود بينها، بحيث تنص على أنه يباشر اختصاصاته على النحو المبين
فى الدستور، كما يمكن استبدال المادة 59 فى إعلان مارس 2011 الدستورى التى
تقيد حق الرئيس فى إعلان حالة الطوارئ بالمادتين 74 و148 فى دستور 1971
اللتين تطلقان يده فى كل شىء إذا حدث خطر يهدد البلاد.
كما يمكن أن
تحل المادة 27 فى الإعلان الدستورى الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية،
بعد تنقيتها من الشروط التعسفية الخاصة بالجنسية، محل المادة 76 البائسة
فى دستور 1971. أما المادة 77 فتُعدل لتصبح مدة الرئاسة أربع سنوات ويجوز
إعادة انتخاب الرئيس لمدة واحدة تالية على نسق المادة 29 من الإعلان
الدستورى.
ويمكن أيضا
تعديل المادة 82 لتنص على وجوب وجود نائب لرئيس الجمهورية. أما المواد 87
و96 و196 فقد أصبح ضرورياً استبعاد نسبة العمال والفلاحين منها. ولابد
أيضا من تعديل المادة 93 ليكون الفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب من
اختصاص محكمة النقض.
ولضمان
التوازن داخل السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية والحكومة، يحسن إلغاء
المادة 137 وتعديل المادة 141 بحيث يعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء،
لكنه لا يعفيه إلا بموافقة مجلس الشعب، كما يكون إعفاء الوزراء من مناصبهم
بقرار من رئيس الحكومة وليس رئيس الجمهورية.
وتُعدل أيضا
المواد 144 و145 و146 لنقل الصلاحيات المحددة فيها «لوائح تنفيذ القوانين
ولوائح الضبط وغيرها» من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة. أما المادة 147
المتعلقة باتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير فى غياب مجلس الشعب، فيتعين
تعديلها لتوزيع هذه التدابير بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، كل حسب
اختصاصاته.
ولضمان دور
أكبر لمجلس الوزراء، يحسن تعديل المادة 156 لتنص على أنه يتولى تنفيذ
السياسة العامة للدولة فى المجالات التى تدخل فى نطاق اختصاصه. ومن
الطبيعى أن تُلغى المادة 179 التى أضيفت فى تعديلات 2007 بدعوى مواجهة
الإرهاب.
وستكون هناك
ضرورة لتعديل ما فى المواد من 180 إلى 184 المتعلقة بالقوات المسلحة
والشرطة. ومن البديهى أيضاً إعادة النظر فى بعض الأحكام العامة
والانتقالية «الباب السادس» وإضافة أخرى إليها.
وعندئذ يصبح
دستور 1971 المعدل صالحاً للعمل به لعدة سنوات، إلى أن تتوافر الظروف
الملائمة لإصدار دستور جديد. وهذا هو ما ينبغى الاعتراف به إذا أردنا
تصحيح الخطأ التأسيسى الذى أفسد المرحلة الانتقالية وعدم ارتكاب مزيد من
الأخطاء، سواء بتفعيل هذا الدستور كما هو أو بإصدار إعلان دستورى مكمل