سحرة فرعون.. أفضل بكثييير

د.عاطف عبد الرشيد
لكثير من الإعلاميين أقول: سحرة فرعون.. أفضل بكثييير.
ولإخوانى الإعلاميين أقول: ليتنا نكون مثل سحرة فرعون..
 
لماذا؟؟؟ لأن سحرة فرعون كانوا من أفضل نماذج الإيمان والصدع للحق، وقدموا لنا قصة رائعة لانتصار الفطرة، والاستجابة لصوت الصدق والحق، والانصياع لنداء الإيمان.
اعلم أن المرشد العام للإخوان المسلمين وصفنا – أو بعضنا – بأننا مثل "سحرة فرعون" الذين جمعهم فرعون لسِحر الناس، ولبث الرعب والرهبة فى قلوبهم من دعوة موسى عليه السلام .. وإن الشيطان يوحى للإعلاميين بأن يصوروا للشعب أن الإخوان هم بديل الحزب الوطنى المنحل وإنهم سيدمرون البلد‮.
وما هى إلا ساعات وعجت الصفحات الصحفية والحلقات التلفزيونية بالهجوم على الإخوان وكأننا نقول للمرشد – عمليًا – أنت على حق وقولك صحيح 100 %.
وهب بعض إخواننا الإعلاميين شاهرين سيوفهم؛ وقالوا إن هذه التصريحات تحقيرًا وسبًا لهم، وإهانة لكرامتهم ورسالتهم التنويرية السامية، وأنه نوع من الغرور والتوتر والتهرب من المسؤولية، والفشل فى الشارع المصرى، وأنها اتهامات غير موضوعية فيها تعميم للأمر على جميع الإعلاميين، وأن هناك العديد من الإعلاميين الشرفاء الصادقين، وأنها تعبر عن فكر اضطهادى ورجعى. والبعض بالغ بشده – وهو بهذا يؤكد الاتهام بدون وعى – وقال إن المرشد "هبط عليه الوحى، أو هكذا توهمَ، وتصور نفسه سيدنا موسى عليه السلام، وقد بُعثَ من جديد"‮. والبعض طالبه بالاعتذار إلى الإعلام المصرى، والبعض شن هجومًا حادًا على المرشد وامتد إلى نقيب الصحفيين ممدوح الولى لأنه "مش هيجيب لنا حقنا''.
واتهام الإعلاميين بأنهم "سحرة فرعون" اتهام قديم سمعته قبل ذلك مئات المرات، ولم يتحرك ساحر. وعلى سبيل المثال تجد فى الفيس بوك "معا لمقاطعــة التليفزيون المصرى سحرة فرعون". 
وقصة "سحرة فرعون"، تبدأ من دعوة سيدنا موسى عليه السلام لفرعون باللين والحكمة والعقل، فعاند فرعون وتكبر، فدعاه سيدنا موسى بالآيات المبهرة والخوارق المعجزة، فألقى عصاه أمام فرعون فإذا هى ثعبان ضخم، وأخرج يده من جيبه فإذا هى بيضاء كالشمس.. فاشتد عناد فرعون، وزعم أن موسى ساحر، وحشد فرعون العشرات – وقيل الآلاف- من السحـــــرة ليواجهوا سحر موسى على حد زعمه بسحر مثله، واجتمعوا فى مكان واحد، ووعدهم فرعون بعطايا وهبات إذ غلبوا موسى، وفى اليوم المحدد، ألقوا حبالهم وعصيهم ((وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ))، وفى تلك اللحظة المهيبة والحاسمة ألقى موسى عصاه فابتلعت عصيهم وحبالهم وثعابينهم المتخيلة.
وهنا حدث أمر عظيم ومبهر ومهول: لقد خر السحرة ساجدين لله رب العالمين وأمنوا بموسى عليه السلام.. وبعد أن كانوا - من وقت قليل - يقسمون (بعزة فرعون)، وفورًا! ومن لحظتها تحولوا إلى أنصار لموسى ودعاة للإيمان، وبعد أن كانوا أساطين السحر الأسود المشيطن، وفى لحظات أصبح كفرهم إيمانًا، انتقلوا إلى عالم التقوى والإيمان، وعادوا إلى فطرة الإسلام، وثار فرعون وهاج وماج وهددهم بالتنكيل، فثبتوا على الحق، ولم يميلوا، ولم يضعفوا، ولم يبيعوا دينهم، بل صمدوا وقالوا لفرعون: "وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ". وقالوا "إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ"، ورغم تهديد فرعون لهم بالقتل "قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِى فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِى هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا". 
فتعالوا أيها الإعلاميون ننظر فى مرآة الصدق والشفافية، ونتعلم الدرس من "سحرة فرعون"، ونتتلمذ على أيديهم، ونتخذهم قدوة لنا. تعالوا نراجع أنفسنا، ونقدم لضمائرنا كشف حساب، ونحاسب أنفسنا، ونقف وقفة إنصاف مع أنفسنا، ونعيد تقييم ما نقول وما نكتب، تعالوا نتساءل: ماذا نريد مما نكتب؟ وما الهدف مما نقدم؟ هل ننحاز للحق دائمًا؟ أم ننافق السلطان؟ ونجامل المنصب؟ أو نتملق لكرسى؟ هل نحمى العدل للصغار وللضعفاء؟ هل نريد الحرية للجميع؟ هل يصب كل ما نقدمه فى مصلحة الوطن؟. هل نلتزم بالاحترافية والمهنية التى نتشدق بتا ليل نهار؟ ..
نعم نحن سحرة، وكلنا يعلم أن سحر الإعلام حقيقة، وأنه أخطر من سحر "سحرة فرعون"، وأشد منه فتكًا، وأوسع منه إضرارًا، وإن معظم إعلامنا أصبح من أسلحة الدمارٌ الشامل، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم "إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا"، والإعلام بفضائياته، وصحفه ومجلاته، ومواقعه على شبكة الإنترنت يتلاعب بالقلوب والعقول ويضللها.. ويكفى دستة من الإعلاميين المهرة أن يهزموا أمة، ويستعمرونها إلكترونيًا وتلفزيونيًا بلا غزو ولا جيوش.
كم منا زيّف؟! وكذب؟! ونافق؟! وناور؟! كم منا زعزع وشوش وخلخل وشكك؟! كم منا قلب الحقائق؟! كم منا زين الباطل وألبسه ثياب الحق والجمال؟! كم منا روج للقيم الفاسدة والسلوكيات المنحطة؟! كم منا نادى بجهل وسوء الظن؟! كم منا سقط وتورط فى نشر ما لا يجب أن ينشر؟! كم منا سكت عندما كان يجب أن يصرخ؟! كم منا روج للفضائح والتفسخ؟! كم منا تفنن فى هدم قيم الحياء والطهر؟! كم منا تاجر بقضايا المرأة والشباب والأقباط والثوار والشهداء والفقراء؟! كم منا أشاع الرذيلة وفجر الغرائز؟! كم منا طمس الهوية الوطنية والإسلامية وروج للتبعية الغربية؟! كم منا بث الشبهات وروج للانحرافات الفكرية والعقدية؟! كم منا أفتى بغير علم؟! كم منا استهزأ بالرموز والعلماء وجرحهم؟! كم منا سعى للوقيعة بين الناس؟! كم منا سعى لتغيير قبلتنا لتتجه نحو بلاد الغرب؟! كم منا نشر الإحباط والخنوع؟! كم منا نشر البلبلة بين أفراد الشعب؟! كم من عزف على أوتار الصراعات والنعرات؟! كم منا ادعى أنه وصى على الشعب ووكيله والمتحدث الرسمى باسمه؟!.
نعم نحن نسحر عقول وقلوب الناس، ولابد أن يثور الإعلاميون على عيوبهم، ويتوبوا عن عيوبهم وجرائمهم فى حق مهنتهم، يجب ان نكون – بحق- أصحاب رسالة نبيلة وسامية، ويجب أن نخاطب فطرة المصريين النقية، ونأخذهم إلى النور والهدى والعلم والحق والبناء والتنمية والحرية والعدل .. وعلينا أن نسمع لصوت الحق، ونصغى لصوت الضمير.
تعالوا نتعلم من "سحرة فرعون" ونتحول إلى "دعاة موسى" و"دعاة خير" و"دعاة نور" ونستخدم سحرنا هذا لهدايتنا ولهداية غيرنا، وإعلاء صوت صاحب الحق والعدل والحرية والمسئولية، واعلموا أن كلمة الحق منكم ستكون نجمًا فى سماء هذا الغمام والضباب، وستكون شمسًا فى سماء الظلام والسحر، وستكون سطورًا من نور فى صفحات المكر السوداء.
وعلى كل إعلامى مخلص أن يقول أنا "المرشد العام للإخوان المصريين" "أنا لست من "سحرة فرعون"
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

0 التعليقات

شارك بتعليقك

:: تصميم : ويب توفيل | تعريب وتطوير مدونة الاحرار - 2012 | | تحويل القالب الي بلوجر سمبل دزاين | تابعنا على الفيس بوك | سياسة الخصوصية::