إعلان المشير طنطاوى الذى نقله عنه رؤساء الأحزاب الذين التقوه يوم الأحد بأنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية قبل الانتهاء تمامًا من إعداد الدستور بكل خطواته مع الالتزام بخارطة الطريق التى أقرها المجلس العسكرى بتسليم السلطة فى 30 يونيه لرئيس منتخب، يحمل نذرًا خطيرة وغير متوقعة بأن رحلة التراجع عن ما أعلن قبلاً قد بدأت، وأن أزمة الدستور والضغوط التى مورست على بعض القوى وفى مقدمتها الأزهر والكنيسة لسحب ممثليها، ما هى إلا خطة ممنهجة لرصف طريق التراجع، لا تختلف عن نشر الفوضى والرعب بأبشع الوسائل، كالقتل الجماعى فى استاد بورسعيد عقب مباراة الأهلى والمصرى الشهيرة، وإحراق شركة بترول تمهيدًا لإحراق مدينة السويس بأكملها بسكانها ومنشآتها.لم نتوقع فى هذه اللحظة الحاسمة مفاجأة المشير، كان الأمل بقرب انتهاء حكم العسكر يطرق أحلامنا مع كل يوم يمر، لكن المشير ضرب “كرسى” فى “الكلوب”، وقد اشتهر بجرأة إعلان البيانات الصادمة، وهى شهرة لا تدانيها أو تتجاوزها سوى جرأة جهات رسمية يديرها الفلول على إحراق المدينة الباسلة يوم السبت الماضى، ربما عقابًا لها على دورها الكبير فى ثورة 25 يناير!
تحذير المشير يعنى عمليًا أنه لن تجرى الانتخابات الرئاسية، ففى ظل الخلافات والاختلافات بين القوى السياسية، وصدور حكم قضائى ينتظر تفسير هيئة المفوضين، لا نتصور أنه يمكن الانتهاء من الدستور قبل المواعيد المحددة للعملية الانتخابية، وعلى ذلك فإن الانتخابات ستتأجل لأجل غير مسمى أو لن تتم خلال زمن منظور، ولم يكن تحديد 30 يونيه لتسليم السلطة، سوى مسكن مؤقت للمتظاهرين فى ميدان التحرير، ويبدو أن المشير وجد أنه لم تعد هناك حاجة لمسكنات، فصارح القوى السياسية بما قاله وصدم به الشعب المصرى.
فى تصريح سابق، حذر عمرو موسى من حدوث هذا التطور، قائلاً إن عملية وضع الدستور قد تستغرق 6 سنوات، ولعله كان يشم عن بعد رائحة تراجع العسكرى عن خارطة الطريق.
هل تستطيع القوى السياسية والثورية والأحزاب منع نزوع العسكرى نحو هذا التراجع؟!.. وهل سيسمح لها بما تريد دون ضغوط تمارس على بعضها لإفشال أى اتفاق؟!
الآن أرى 30 يونيه الذى حلمنا به بعيدًا جدًا، وأتوقع مزيدًا من الفوضى والحرائق والقتل الجماعى وأزمات البنزين والسولار والغاز والخبز والحدود.
مصر انتقلت من حكم ديكتاتور واحد إلى نحو 18 أو 20 ديكتاتورًا يصعب حساب أمزجتهم واتجاهاتهم وقدرتهم على الإفلات من غراء الكراسى
