جمال سلطان يكتب : رئيس الوزراء الجديد

جمال سلطان يكتب في "المصريون" :رئيس الوزراء الجديد

  أخيراً، كلف الرئيس محمد مرسى الدكتور هشام قنديل بتشكيل الحكومة، خطوة طال انتظارها، وأيا كانت الملاحظات أو التعليقات إلا أننا ينبغى أن نتفاءل خيرا بإنجاز الخطوة الأولى فى بناء المنظومة السياسية الجديدة، ونسأل الله التوفيق للوزير الأول ـ حسب لغة إخواننا المغاربة ـ أو معالى رئيس الوزراء حسب فخامة لغة المشرقيين، وقنديل يمتلك مواصفات جيدة بدون شك، فهو ليس من الوزراء المحسوبين على النظام القديم، وكل ما تقلده من مسؤوليات أو وزارة كان فى حكومات ما بعد الثورة، أيضا قنديل شاب فى مرحلة النضج والحيوية، وهو تطور مثير فى حكومات مصر لم نعرفه منذ ستين عاما، حيث درجنا على أن يكون رئيس الوزراء ممن هم شيوخ فوق السبعين أو الستين كحد أدنى، أى من أصحاب المعاشات، والغريب أو المفارقة أن الحكومات المتعاقبة فى مصر كانت تعتبر أن الموظف الحكومى العام إذا وصلت سنه ستين عاما فقد انتهى عمره الافتراضى كموظف قادر على العمل ويتم إحالته إلى الاستيداع "المعاش"، بينما "كبير" الموظفين العموميين، رئيس الوزراء، لا تبدأ طاقته على العمل إلا بعد الستين، حسنا، معنا الآن رئيس حكومة شاب فى الأربعين من عمره تقريبا، وأتمنى أن تكون اختياراته للوزراء على هذا "المقاس"، حتى عندما يختار "كوتة" الأحزاب أو القوى السياسية، فعليه أن يتحاشى "الشيوخ" والعجائز، وليفكر دوما فى الخبرات الشابة والكفاءات الشابة، فهى أكثر قدرة على العمل وأقل حملا فى الأمراض النفسية والعصبية، وتكون عادة مشغولة بوضع بصمتها وصناعة مستقبل لها وللبلد، بينما "العجائز" يكونون عادة مشغولين بتصفية حسابات قديمة أو إثبات وجود و"منظرة" بين النخبة والفضائيات أكثر من العمل نفسه، ويتعاملون بروح "المستغنى" على طريقة "جودة عبد الخالق" وزير حزب التجمع الذى استدعاه البرلمان لمساءلته فراح يشخط وينطر فى الأعضاء "ممثلى الأمة"، معتبرا أنهم تلاميذ أو بعض رعاياه، أيضا هشام قنديل من النوع الذى تتوسم فيه "نظافة اليد"، لأنه يبدو من سمته أنه "راجل يعرف ربنا"، بينما كان وزراء العهد البائد أول ما يفكرون فيه هو حفر وتأمين مسارات "النهب" لتعزيز رصيدهم البنكى ومستقبل العائلة والأولاد وآخر ما يفكرون فيه هو "ربنا"، إلا قلة نادرة، والحقيقة أن هذه النقطة بالذات لا يمكن أن تحمل على محمل التندر أو خفة الكلام، ولكنها فى صلب أى نجاح أو نهضة، وكان السيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا عندما يسألوه عن أهم وأول أسباب الطفرة الاقتصادية والنهضوية التى حققها فى تركيا كان يقول: منحت أصحاب اليد النظيفة الفرصة، فكانت هذه النهضة التى ترونها، أيضا رئيس الوزراء الجديد سيكون محميا برئيس جمهورية من أصحاب "اليد النظيفة" ـ هكذا نعرفه ولا نزكيه على الله ـ ومدعوما من مؤسسة رئاسة مهمومة بالمستقبل والنهضة وتريد أن تضع بصمتها فى تاريخ مصر، وهو ما يمثل له قوة دعم هائلة تعينه على الإنجاز، ربما كانت مشكلة هشام قنديل الوحيدة أنه رئيس وزراء غير سياسى، وهو ما سيجعله يعانى فى التعامل مع أجهزة دولة مسيسة حتى النخاع، ومجتمع من حوله تحولت السياسة إلى تسليته اليومية، وغابة من القوى الوطنية لكل منها رؤيته وحساباته، وأيضا قدرته على تحريك جزء من الشارع الساخن حاليا، على كل حال، دعونا نتفاءل، وأرجو أن يتكاتف الجميع على دعم رئيس الوزراء الجديد من أجل النجاح، لأن نجاحه الآن ـ رغم تلال الهموم ـ يعنى تخفيف آلام ومتاعب ملايين المصريين ومعاناتهم التى طالت على مدار السنوات الأخيرة فى مختلف المجالات.
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

0 التعليقات

شارك بتعليقك

:: تصميم : ويب توفيل | تعريب وتطوير مدونة الاحرار - 2012 | | تحويل القالب الي بلوجر سمبل دزاين | تابعنا على الفيس بوك | سياسة الخصوصية::