جمال سلطان يكتب في " المصريون" : خيبة الأمل فى الدكتور البرادعى
أعترف بأنى أتعاطف إلى حد كبير مع الدكتور محمد البرادعى كشخصية ليبرالية، وضعت فيها الأمل فى تدشين تيار ليبرالى وطنى جديد يؤمن بالدولة المدنية والحريات العامة، والفصل بين السلطات والتعددية السياسية والتداول السلمى للسلطة، وكنت أرى أن حضوره الدولى يضيف إلى شخصيته ودوره فى المرحلة الوطنية الجديدة ويعزز مكانة الثورة، حتى أنى عندما قال إسلاميون إنهم سيمتنعون عن الترشح لرئاسة الجمهورية اقترحت على الفور أن يتم التوافق على دعم البرادعى كرئيس للمرحلة الانتقالية الجديدة، رغم اختلافى معه فكريًا، وعندما فاز الدكتور مرسى برئاسة الجمهورية، اقترحت عليه أن يكلف البرادعى برئاسة الوزارة، من باب الحرص على التوافق الوطنى والشراكة الكاملة بين قوى الثورة فى صياغة وإدارة تلك المرحلة الحساسة والرخوة، وأعترف أيضًا أنه فى كل مرة كان البرادعى يخذلنى فى مواقفه السياسية واختياراته، فهو شخص عاطفى وهوائى إلى حد كبير ويفتقر إلى الصبر السياسى، إضافة إلى ضعف وعيه بالخريطة السياسية المصرية الحالية وجذورها ورجالها، وهذا ما سأوضحه بعد ذلك، وأذكر أنه عند أول خلاف حقيقى داخل الجمعية الوطنية للتغيير غضب وتركها وسافر واعتبر نفسه خارج الموضوع دون أدنى إحساس بالمسؤولية تجاه هؤلاء النشطاء الذين يشاركونه الفكرة والمشروع، كما أنه عندما بدا أن الرئيس محمد مرسى أعطى له ظهره فى الوزارة الجديدة راح يتكلم عن أهمية دعم المؤسسة العسكرية وتحصينها فى الدستور ومنحها حق الولاية على الدولة وسلطاتها جميعًا، تحت عنوان "حماية الدولة المدنية"، وهو كلام من أسوأ ما يمكنك سماعه من شخص يؤمن بالليبرالية أو حق الشعوب فى الاختيار ورفض فرض أى وصاية على اختيارات الشعوب، لكنه تورط فى الأمر بدافع عاطفى أعتقد أنه سيندم عليه كثيرا بعد ذلك لأنه خصم من تاريخه وطعن فى ولائه للدولة المدنية وإيمانه بالشعب وقدراته ووعيه، وعندما أراد الدكتور البرادعى أن يدشن حزبا سياسيا جديدا يعبر عن مشروعه السياسى فى المرحلة الجديدة، لم يجد من يوكل إليه أمر المسؤولية عن لجنة إدارة الحزب المؤقتة سوى "عماد أبو غازي"، وأنا لا أعرف بالضبط من الذى رشحه للبرادعى، لكنى أتصور أنه لو سأل أى مثقف من أبناء الثورة عن عماد أبو غازى لما سمح له بأن يحضر مجلسا من مجالسه فضلا عن أن يجعله على رأس لجنة إدارة الحزب، وهى لجنة محترمة وفيها شخصيات وطنية جادة ومؤمنة بالثورة إيمانًا حقيقيًا، فعماد أبو غازى هو الضلع الثالث فى مثلث إفساد المؤسسة الثقافية فى عصر مبارك، مع فاروق حسنى وجابر عصفور، وهو أحد صناع "الحظيرة" التى كان يباهى بها فاروق حسنى فى عصر مبارك، والتى أدخل فيها "المثقفين"، وكان موضع ثقة فاروق حسن وجابر عصفور، وعندما كان الجميع يهرب من وزارة الثقافة بعد الثورة أتى به عصام شرف وزيرا قبل أن يقفز من المركب عندما رآها فى الطريق إلى الغرق وأن عمرها قصير، هل ضاقت بك أرض مصر أن تجد فيها من يحمل لواء مشروعك "الليبرالى" سوى أحد أركان نظام مبارك ومؤسسته الثقافية، أشعر بحزن كبير وإحباط من هذا التخبط الذى يعيش فيه البرادعى، وأثق أنه إحباط تسلل إلى كثير من المحيطين بالبرادعى والمحبين له، وبعد تخبط البرادعى وسقوط أسامة الغزالى حرب وبروز الطائفية المتدثرة بثياب زور من الليبرالية، أصبح الأمل فى جيل جديد أكثر التصاقا بالوطن وناسه، يمكنه أن يعبر عن ليبرالية وطنية جادة ونقية ومتصالحة مع الشعب وتاريخه ودينه وحضارته.
جمال سلطان يكتب : خيبة الأمل فى الدكتور البرادعى
الناشر "
المحرر
" فى 7/18/2012 10:26:00 م
0
التعليقات
0 التعليقات
شارك بتعليقك