مع كل يوم تفقد هذه البلد عدداً آخر من أنبل أبنائها، يسأل الإنسان نفسه: من قتلهم ولماذا؟ أشعر أحيانا أننا جميعا شركاء فى جريمة كبيرة يضيع ضحيتها أبرياء شهداء، تقبّلهم الله فى مَن عنده. أحيانا أشعر أن هؤلاء ليسوا فقط ضحايا من قتلوهم وإنما هم ضحايا كل من حول استفتاء مارس إلى استفتاء على مادة «الشريعة» التى لم تكن موجودة أصلاً فى الاستفتاء كى ينتصروا لرأيهم دون مراعاة لصالح البلاد، سامحهم الله. أشعر أنهم ضحايا لقطاع من الليبراليين واليساريين، بعد أن حولوا «نعم»، إلى فزع عام طالبوا بعده بتأجيل الانتخابات على أمل أن يفوزوا بمقاعد أكثر دون مراعاة لصالح البلاد، الله يسامحهم. أشعر أنهم ضحايا قطاع من قيادات الثوار، كان أعظم ما فعلوه هو الأيام الثمانية عشر الأولى من الثورة، وبعدها هناك تراجع واضح فى أدائهم الثورى، وفى اختياراتهم السياسية، سامحهم الله. أشعر أنهم ضحايا قطاع من قيادات المجلس الأعلى، بعد أن جعلوا من مسار التحول الديمقراطى عبثاً فى عبث وكلفوا البلد فوق ما تطيق، الله يسامحكم. أشعر أنهم ضحايا قطاع من الإعلاميين الباحثين عن مصالحهم وامتيازاتهم والإعلانات لبرامجهم على حساب صوت العقل والرشاد والمهنية، الله يسامحكم. أشعر أنهم ضحايا كل من يتولون مناصب أو مهام وهم يعلمون أنهم ليسوا مؤهلين لها، الله يسامحكم. أشعر أنهم ضحايا كل من يشوهون الثوار ويتهمونهم بالخيانة والعمالة بلا دليل، الله يسامحكم. هم ضحايا كل من يفرض فهمه للدين على الآخرين ظنا أنه بهذا يخدم الدين، الله يسامحكم. هم ضحايا قطاع من «الثورجية» الذين يرون أن فرض الرأى عنوة يسمو على الديمقراطية، الله يسامحكم. هم ضحايا إلى كل من يصور شريكه فى الوطن على أنه يتبنى أجندة خارجية للقدح فيه والنيل منه دون تثبت، الله يسامحكم. هم ضحايا كل من ينطق كلامه بما يؤدى إلى تمزيق الوطن والنيل من وحدة أبنائه، الله يسامحكم. ثار جدل على عهد الصحابة العظام بعد موقعة صفين بشأن من هى الفئة الباغية: جيش على أم جيش معاوية (رضى الله عن الصحابة أجمعين)؟ وقد كان عمار بن ياسر فى جيش على، وقتله جيش معاوية. وقد ورد عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن ياسراً ستقتله الفئة الباغية. خشى معاوية أن يفتّ ذلك فى عضد الجيش، فأرسل لعمرو بن العاص يستشيره فقال: نحن لم نقتله، وإنما قتله من أخرجه؛ أى أن المتسبب فى قتله هو من تسبب فى خروجه للمعركة. بلغ الأمر عليا، فقال: «ومن قتل حمزة؟» وكأنه يقول لو صح هذا التحليل، إذن فالرسول هو من قتل عمه حمزة فى غزوة أحد وهو ما لم يحدث قطعا. وها نحن نسأل نفس السؤال: من هى الفئة الباغية؟ لا إجابة عندى إلا الدعاء: ربنا يسامحنا على تقصيرنا فى حق وطننا وفى حق شهدائنا.
من قتلهم؟! معتز بالله عبد الفتاح
الناشر "
المحرر
" فى 5/03/2012 01:15:00 م
0
التعليقات
0 التعليقات
شارك بتعليقك




