هناك الكثير من الأسرار والخفايا وراء كل نظام حكم. ورغم سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس، إلا أن أمورا كثيرة ما تزال طي الكتمان سواء في أمور تتعلق به أو بأفراد أسرته. لكن ما يؤشر لانقشاع الضباب الكثيف عن الصورة، كتاب من المنتظر صدروه قريباً من إحدى دور النشر الفرنسية لزوجة الرئيس المخلوع ليلى الطرابلسي، تؤكد فيه سيدة تونس الأولى سابقاً أن ما حدث يوم 14 يناير 2011 كان انقلاباً مدبراً بمشاركة قوى أجنبية.
وينتظر التونسيون على أحر من الجمر صدور كتاب «حقيقتي»، بعد إرجائه، لما يقول مراقبون إنه جاء نتيجة تدخل مباشر من أطراف فرنسية كانت تخشى إسهام بعض المعلومات التي يحتويها في هز صورة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى الناخبين الفرنسيين، وبعد خسارته أمام منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند، أُفسح المجال أمام الكتاب ليرى النور، إذ سيصدر من دون أي ضغوط ليكون شهادة للتاريخ، من وجهة نظر مؤلفته، يعتقد العارفون بالشأن التونسي أن الرئيس المخلوع أراد من خلاله الكشف عن معطيات جديدة لكن تحت اسم زوجته، نظراً لعدم قدرته شخصياً على ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي داخل المملكة العربية السعودية التي يقيم فيها لاجئا سياسيا منذ الإطاحة به من سدة الحكم.
معلومات غير مسبوقة
و كشفت صحيفة «البيان» من مصادر مُقربة، أن الكتاب «يتضمن معلومات تنشر لأول مرة حول ما جرى في تونس خلال الأيام الأخيرة لعهد ابن علي»، إذ تؤكد صاحبة «حقيقتي» أن ما حدث كان انقلاباً تم الإعداد له سلفاً بمشاركة أطراف أجنبية، لافتة إلى أن صخر الماطري، صهر ابن علي، ومحمد الغرياني، الأمين العام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم سابقاً، أعدا للانقلاب فعلاً.
وتأتي المعلومات الجديدة مؤكدة لما سبق ونشر عن أن الماطري والغرياني قضيا ليلة 14 يناير معاً، وأن الغرياني وجّه رسائل نصية عن طريق الهاتف المحمول إلى بعض النافذين السياسيين والأمنيين يعلمهم فيها أن لديه معلومات مؤكدة عن إمكانية وصول زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي إلى تونس في ذلك اليوم، بالتزامن مع زحف الإسلاميين إلى قصر الرئاسة في قرطاج.
وتؤكد المصادر أن الكتاب «سيحتوي كذلك على معلومات بشأن تلقي صخر الماطري المقرب من حركة النهضة الإسلامية العام 2007 برقية تهنئة من الغنوشي اللاجئ السياسي في لندن آنذاك، بعد تأسيسه إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم»، مشيرة إلى أن الماطري يقيم حالياً في الدوحة، في حين يقبع الغرياني في سجن تابع لثكنة عسكرية بضاحية العوينة مع عدد من كبار مسؤولي النظام السابق.
مشاركة أجنبية
وتورد ليلى الطرابلسي في كتابها، وفقاً للمصادر، أن «أجهزة استخبارات أجنبية شاركت في الإطاحة بزوجها من الحكم من بينها جهاز الاستخبارات الفرنسية»، مشيرة إلى أن «مروان المبروك، صهر ابن علي أسهم بدور كبير في إقناع الفرنسيين أن النظام انتهى»، وأن الأجهزة الأمنية الفرنسية «كانت تعمل على إسقاط حكم ابن علي في الوقت الذي كان ساركوزي يتحدث عن عكس ذلك».
كما تضمن الكتاب المُعد للنشر أن «سليم شيبوب، الصهر الآخر لابن علي، سافر في 12 يناير 2011 إلى طرابلس بغية إقناع العقيد الليبي معمر القذافي بضرورة تقديم الدعم المالي للحكومة التونسية لمساعدتها على وأد الاحتجاجات التي عمّت البلاد، بسبب ارتفاع نسب البطالة والفقر».
خطورة الموقف
وتكتب ليلى بن علي أن الرئيس المخلوع «شعر بخطورة الموقف خلال الأيام الأربعة الأخيرة لحكمه، خصوصاً مع اتساع دور الاتحاد العام التونسي للشغل في قيادة الاحتجاجات والاضرابات العامة، انطلاقاً من مدينة صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسية والعاصمة الاقتصادية للبلاد»، مضيفة أن زوجها «أصبح يتجنب الحديث معها وكأنه يحمّلها المسؤولية عن كل ما حدث، بعد انتشار شعارات وهتافات تتهمها وأسرتها بسرقة أموال الشعب والوصول إلى الوضع الذي آلت إليه تونس». تغيير مسار
تطرقت ليلى الطرابلسي، زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العبدين بن علي، في كتابها «حقيقتي» والذي من المتوقع صدوره من إحدى دور النشر الفرنسية قريباً، إلى كثير من الجوانب الخاصة في مسيرة حياتها، إذ أشارت إلى أن والدها مات منتحراً في بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي، بعد أن خسر أملاكه بسبب السياسة الاشتراكية التي طبقها نظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة في مرحلة الستينيات، لافتة إلى أن تلك الحادثة «غيّرت مسار حياتها»