أعلنت حركتا "الغاضبون" الإسبانية المعارضة عن نيتها العودة إلى الاحتجاج في الشارع بدءا من يوم السبت ولمدة أربعة أيام ليبطلوا ادعاءات اختفائهم من الساحة السياسية.
ويتوقع "الغاضبون"، الذين انطلقت تحركاتهم العام الماضي في إسبانيا للتنديد بالأزمة المالية والفساد والبطالة، التوجه مساء السبت في طوابير تأتي من جهات المدينة الأربع، إلى بويرتا دل سول، في عودة رمزية إلى هذه الساحة التي شهدت ولادة تحركهم الأول في 15 مايو 2011.
وتحت شعارات "احتلوا الشارع" و"لسنا سلعا في أيدي السياسيين ورجال المصارف"، دعوا إلى تنظيم تظاهرات في نحو ثمانين مدينة في البلاد بينها برشلونة.
وسيواصل المتظاهرون في مدريد التحرك من خلال تنظيم حلقات نقاش حول مواضيع محددة حتى الثلاثاء، وبينها تجمع نقاش "دائم" في بويرتا دل سول، تلك الساحة التي شهدت قبل عام مخيم اعتصم فيه "الغاضبون" قبل ان يثيروا تحركات مماثلة في كل أنحاء إسبانيا.
وبات شهر الاعتصام، حتى تفكيك المخيم في 12 يونيو، رمزا لتحرك فاجأ بلدا لم يكن فيه التعبير عن الاستياء قد ظهر بشكل واسع حتى ذلك الوقت.
وسمحت السلطات هذه السنة بإقامة تجمعات مؤقتة في الساحة من 12 إلى 15 مايو، لكن البعض قد يقرر الاعتصام فيها في تحد للمنع الرسمي الذي يقضي بأن تنتهي التظاهرات مساء كل يوم عند الساعة العاشرة مساء.
وقالت المتحدث باسم الحكومة سورايا ساينز دو سانتاماريا يوم الجمعة "تم التصريح بفترات زمنية، تمنع بعد انقضائها هذه التجمعات".
وأضافت "بعد هذه الفترات الزمنية يكون القانون قد تعرض للخرق، وبالتالي حقوق المواطنين الآخرين، وستتصرف الحكومة بالتأكيد بما يؤدي إلى احترام القانون".
ويظل الغموض قائما حول الحجم الذي سيتخذه التحرك، في حين يطال التضخم واحدا من كل أربعة من اليد العاملة الفعلية في البلاد (24,4%) حيث تطبق الحكومة المحافظة سياسة تقشف غير مسبوقة. والأرض خصبة الآن لكي تسجل الذكرى السنوية للتحرك نجاحا. لكن على خلاف ما حصل قبل عام، فإن شوارع إسبانيا باتت تعيش كل أسبوع على وقع تظاهرات تدعو إليها النقابات للتعبير عن معارضة سياسة التقشف، وقد يغرق "الغاضبون" في هذا السيل من التحركات لأنهم فقدوا الكثير من قوة وجودهم بعد عام على ولادة تحركهم.
وقال انطونيو الامينوس أستاذ علم الاجتماع في جامعة إليكانتي إنهم لم يعرفوا ـ عندما تجمعوا وفق هيكلية شعبية ورفضوا تأسيس حزب ـ "كيفية تنظيم حراك يعبر عن الاستياء دون أيديولجيا ملموسة". وأضاف أن "نتيجة ذلك هي ظهور العديد من تجمعات صغيرة غير متصلة في ما بينها، والتي لم تعد تشكل حركة اجتماعية".
وأوضحت نويليا مورينو، وهي عاطلة عن العمل في الثلاثين من العمر وشاركت في اعتصام العام الماضي، "إن الحركة لا تزال موجودة، لكنها لم تعد في الشارع، إنها على الإنترنت وعلى شبكات التواصل الاجتماعي". وأقرت أنه "بسبب عدم وجود رأس واضح لها، فإنها ذابت في نظر الرأي العام ووسائل الإعلام".
ومن جهته، لاحظ عالم الاجتماع فيرمين بوزا "بما أنهم ليسوا حزبا سياسيا، فإنه لم تكن هناك حدود لأحلامهم، لكن ذلك سلاح ذو حدين".
ورأى أن التحرك "يتأرجح بين حدين، الطوباويون والبراغماتيون"، الذين ينبغي أن "يتفاهموا لتشكيل حركة صلبة قادرة على إيجاد بعض الشعبية وإن تكون مفيدة للجميع".
إلا أن الغاضبين يعلنون مع ذلك نجاحا ملموسا يتمثل في أنهم أعطوا قوة جديدة لبرنامج مناهضة عمليات الطرد، والذي يكافح منذ 2009 عمليات مصادرة شقق عائلات ترزح تحت عبء ديون كبيرة. وتمثل وعمليات مصادرة الشقق رمز الأزمة في إسبانيا، وقد تم تجميدها أو تاخيرها مرات عدة تحت ضغط الناشطين