لو أردنا الحق فإن المجلس الاستشارى لا يملك أى شرعية. إنه أشبه بالضيف الذى يريد أن يمنع صاحب البيت من ممارسة حقوقه.
هذا الكيان الذى لا لزوم ولا أهمية والمفترض أن يختفى عن الأنظار، اجتمع يوم الثلاثاء الماضى مع بعض الشخصيات التى تسمى نفسها "عامة" ليحرض المجلس الأعلى للقوات المسلحة على مجلس الشعب المنتخب ويمنعه من ممارسة اختصاصاته ووظيفته فى التشريع.
أى بجاحة هذه. وكيف يمكن لمجموعة لا شرعية لها منع البرلمان من حقوقه الأصيلة واغتصابها لنفسها بدعوى أن التشريعات التى يبحثها تخدم مصالح تيارات سياسية بعينها؟!
لم نر فى أى ديمقراطية سلطة لا قيمة لها من الناحية القانونية تطغى على أعمال البرلمان وتحرض على فرض الوصاية عليه، على النحو الذى يفعله المجلس الاستشارى الذى اجتمع مع عدد من الشخصيات العامة برئاسة أمينه العام أسامة برهان، وأصدر بيانًا يحذر من ما يحدث من انحراف فى الأداء التشريعى فى مجلس الشعب.
أن يبحث مجلس الشعب مشروعات قوانين فهو انحرف تشريعى فى رأى المجلس الجبلى باعتبار أنه مثل "الحمام الجبلى" لا أرض له ولا عنوان، وأى برج حمام يقابله يدخل فيه. وسر الغضبة هو بحث مشروع تعديل على قانون 48 لسنة 1979 الخاص بالمحكمة الدستورية العليا، وهو أمر ليس فيه ما يغضب أحدًا لأنه لا يتعدى على حقوق أحدٍ، إلا إذا كان السادة أعضاء مجلس "الأسافين" يريدون أن يصبح أعضاء مجلس الشعب كالخشب المسند!
تحريض مباشر أو "إسفين" عندما يطالب هذا الاستشارى بالصدام بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب الذى يرغب فى منح المحكمة الدستورية العليا الاستقلالية الكاملة بإصدار تشريع جديد، فهى فى وضعها الحالى تابعة بالفعل لولى الأمر، من حيث تشكيلها وتعيين هيئتها، على النحو الذى جعل كمال الجنزورى رئيس الوزراء يستبق حكمًا لم تصدره بعد حول شرعية قانون انتخاب مجلسى الشعب والشورى ويهدد بأنه "فى الدرج"!
احترامنا للقضاء وتقديرنا لدوره وإقرارنا بضميره لا يعنى أنه كان بمعزل عن فساد النظام السابق وتأثر به، وإلا ما ظهر تيار الاستقلال داخل هذه السلطة العظيمة التى هى عنوان الحقيقة.
حان الوقت لأن يرحل المجلس الاستشارى "التحريضى" فلا قيمة ولا شرعية له، وكل ما يفكر فيه حاليًا تحريض السلطات على بعضها، فهو يحرض الحاكم الممثل فى المجلس العسكرى ضد البرلمان ويحرض القضاء ويصنع "الاسافين" على عينك يا تاجر!
