وتربط "إسرائيل" بين قرار إلغاء تصدير الغاز المصرى إليها وبين الصعود السياسى للإخوان المسلمين وفوز حزبها "الحرية والعدالة" بالأغلبية النسبية فى مجلسى الشعب والشورى، واقتراب موعد تشكيل حكومة يسيطر عليها الإخوان فى شهر يوليو القادم, وهو ما أشارت إليه وسائل الإعلام الإسرائيلية، وقالت إن ضغوط حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين وراء القرار, وأعرب عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية عن مخاوفهم من أن المستقبل سيحمل أنباءَ سيئة من القاهرة, وأن السلام البارد مع مصر يمكن أن يصبح فى ذمة التاريخ، ويتم إلغاء اتفاقية كامب ديفيد.
وتُردد "إسرائيل" هذه المزاعم على الرغم من أن التحرك الشعبى الضاغط لإلغاء تصدير الغاز بدأ فى عهد الرئيس المخلوع, وقبل أن يصبح الإخوان هم القوة السياسية المهيمنة على المشهد السياسى فى مصر, وحصل النشطاء السياسيون على عدة أحكام من القضاء الإدارى بوقف تصدير الغاز للكِيان الصهيونى, إلا أن مبارك ونظامه رفضا تنفيذ أحكام القضاء, وهو ما يؤكد أن المخاوف الإسرائيلية غير مبرَّرة فى ظل رسائل التطمينات التى أطلقها الإخوان وقيادات حزب الحرية والعدالة خلال لقاءاتهم مع عدد من السياسيين الأمريكيين، وعلى رأسهم جون ماكين وجون كيرى وعدد من أعضاء الكونجرس الأمريكى, حيث قال الإخوان بصورة قاطعة إنهم لن يقوموا بإلغاء كامب ديفيد وسيحترمون الاتفاقيات الدولية التى وقَّعت عليها مصر.
وبعيدًا عن الهواجس والمخاوف الإسرائيلية, فإننا فى مصر نتخوف من أن لا تستطيع الحكومة المصرية الصمود كثيرًا أمام الضغوط الصهيونية والأمريكية, وتسارع فى الركوع والسجود أمامهم, وتعيد تصدير الغاز مرة أخرى، وتعلن مبرَّرات كوميدية سخيفة للتراجع عن قرارها, وتكرر سيناريو الخزى والعار الذى شاهدناه جميعًا، وتجرعنا مرارته أثناء أزمة القضية المسماة بقضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى, خاصة أن الشعب المصرى اعتقد أن الحكومة التى تتولى إدارة البلاد بعد الثورة، قررت إنهاء عهود التبعية الذليلة للأمريكان والصهاينة, وستقوم بالدفاع عن كرامة مصر واستقلالية قرارها السياسى مهما كلفها الأمر من تضحيات, وساهم الإعلام فى شحن المواطنين وتأجيج مشاعرهم الوطنية والعزف على وتر الكرامة الوطنية!
ووصل الأمر إلى الذروة عندما أدلت الوزيرة فايزة أبو النجا والجنزورى رئيسها فى الحكومة بتصريحات عنترية, وتابعنا جميعًا أعضاء مجلس الشعب، وهم يلهبون أكفّهم بالتصفيق الحاد للجنزورى، وهو يعلن تحت القُبة الفرعونية ويقول: "لن نركع", ثم فوجئ المِصريون بعد أيام من التصريح العنترى لرئيس حكومتهم, وضبطوه وجميع وزرائه ساجدين تحت أقدام الأمريكان ويلعقون أحذيتهم!؛ خوفًا من تنفيذ الأمريكيين من تنفيذ تهديدهم بوقف المعونة السنوية التى لا تزيد عن 1,3 مليار دولار.
وهذه المخاوف التى نسوقها ترجع إلى أن عددًا من الوزراء فى الحكومة الإسرائيلية، أعلنوا عن نياتهم بأنهم سيلجأون للإدارة الأمريكية لمطالبتها بالضغط على الحكومة المصرية للتراجع عن قرارها, وقالوا إن الأمريكيين قادرون على إجبار مصر على عدم تنفيذ قرار وقف ضخ الغاز!
وفى نهاية المطاف نتساءل عن الرد الشعبى إذا فعلتها الحكومة وتراجعت عن قرار وقف تصدير الغاز لإسرئيل؟!, وهل سيقف الأمر عند الضجيج والصخب الإعلامى فى الفضائيات والصحف؟!, أم أن هذه الخطوة إذا حدثت - لا قدر الله - ستكون بمثابة الشرارة التى ستشعل النار فى جسد الحكومة، وبقايا نظام مبارك الذين مازالوا يسيطرون على مفاصل الدولة ودوائر صنع القرار؟!, خاصة أن المواطنين البسطاء يعانون الأمرَّين فى سبيل الحصول على أُسطوانة بوتاجاز، ووصل سعرها فى الأسواق إلى 50 جنيهًا، فى الوقت الذى يتم بيع الغاز لإسرائيل بأقل من دولار, كما أن المصانع تحتاج إلى هذا الغاز لتدور عجلة الإنتاج, وأخيرًا نذكِّر الحكومة بالمثل الشهير الذى يقول: "اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع"!, و"إسرائيل" ليست جامعًا، بل إنهم يدنسون الجوامع، وعلى رأسها المسجد الأقصى




