لا يملك المرء سوى أن يحنى رأسه احتراما وتقديرا لأولئك الصحفيين والصحفيات الشجعان الذين يتوافدون على ساحات الموت فى سوريا بجسارة يحسدون عليها. مدفوعين فى ذلك بالإصرار المدهش على تحرى ما يجرى، وتبيان الحقيقة للملأ. وهو ما يسوغ لى أن اعتبرهم «شهداء الحقيقة» الذين يغامرون بحياتهم ويضحون بأرواحهم لكى يكون العالم على بينة مما يجرى على الأرض من جرائم وشرور. تحاول الأبواق صاحبة المصلحة تزويرها أو التعتيم عليها.
لقد تناقلت وكلات الأنباء يوم الأربعاء الماضى «22/2» نبأ مقتل صحفيين غربيين فى حمص، واحدة أمريكية الأصل هى مارى كولفن التى كانت تعمل لصحيفة صنداى تايمز البريطانية. الثانى مصور فرنسى هو ريمى أوشليك الذى يعمل لوكالة «إى بى 3 برس». أبهرتنى قصة مارى كولفن التى قرأت أنها فقدت إحدى عينيها جراء شظية أصابتها أثناء العمل فى سريلانكا عام ٢٠٠1، وبسبب من ذلك فإنها ظهرت فى الصور وقد غطت عينها برقعة سوداء، وبسبب دأبها وشجاعتها فإنها حصلت على عدة جوائز تقديرا لعملها المتميز، أما زميلها أوشليك فهو مصور قام بتغطية الصراع فى هايتى وتابع الانتفاضات التى شهدتها تونس ومصر وليبيا. وبسبب تميزه فإنه نال عدة جوائز من بعض المنظمات الصحفية.
فى التقارير التى نشرت عن قصة الصحفيين أن مارى كولفن تميزت بدرجة عالية من الجرأة والإقدام. حتى أنها كانت تخرج تحت جنح الظلام للتجول ومقابلة الناس للتعرف على معاناتهم فى حمص. فى حين أنها كانت حريصة على الذهاب إلى الأماكن التى يتم قصفها لترصد مظاهر الدمار فى المدينة المنكوبة، التى تتعرض لانتقام النظام السورى وعقابه الوحشى. إذ لم يكتف بدك البيوت وإنما عمد إلى قطع التيار الكهربائى وحرمان المدينة من التموين والوقود والدواء.
قبل 24 ساعة من استهداف المكان الذى تواجدت فيه كانت مارى كولفين قد ظهرت فى أحد برامج قناة سى.إن.إن الأمريكية متحدثة عن تدمير حمص ومكذبة لمختلف الادعاءات التى يروج لها النظام السورى عن وجود «إرهابيين» مسلحين بالمدينة. وكان الرد هو قتلها وتدمير البيت الذى كانت تقيم فيه.
زميلها المصور أوشليك اعتبره النظام السورى يقوم بدور أخطر، لأن أمثاله من المصورين كانوا يوثقون الفضيحة ويعممونها على العالم الخارجى. وعلى حد تعبير الناشطين فإن حاملى آلات التصوير يعدون من وجهة نظر النظام هدفا يحتل الأولوية فى التصفية، بحيث يقدمون على حاملى السلاح.
كانت مارى كولفين تجوب المدينة تحت جنح الظلام فى الليل تجنبا للقناصة، ولكن أوشليك كان مضطرا للتسلل أثناء النهار بعيدا عن أعين القناصة لكى يؤدى عمله. وتقول التقارير الصحفية إن الناشطين السوريين كانوا قد استأجروا بناية من أربعة طوابق لاستضافة الإعلاميين الأجانب، وأن عشرين منهم توافدوا على المكان خلال الفترة الأخيرة. وعادة ما كانوا يقيمون فى الطابق الأرضى الذى يستخدم كقبو للحماية. ولأن السلطات السورية قامت بقطع الخدمات الأساسية عن المدينة من ماء وكهرباء واتصالات، الأمر الذى يجعل الاتصال بالخارج مستحيلا، فإن النشطاء لجأوا إلى استخدام المولدات الكهربائية التى تعمل بالوقود. وبعد نفاد الوقود لجأوا إلى بطاريات السيارات التى يتم تحويلها إلى تيار كهربائى 220 فولت، يستخدم فى توفير الكهرباء للأجهزة الإلكترونية اللازمة لأداء عمل الصحفيين.
حين قصفت البناية كان فى الداخل سبعة من الصحفيين، الذين هرعوا إلى الخارج سواء لتسجيل الحدث أو تصويره، إلا أن القصف استمر فقتل من قتل وأصيب من أصيب. وكانت الصحفية الفرنسية أديث بوفييه مراسلة صحيفة «لوفيجارو» من بين الذين أصيبوا إصابة خطرة. وهى الآن بين الحياة والموت.
هؤلاء ليسوا أول الإعلاميين الشجعان الذين ذهبوا لكى ينقلوا إلى العالم حقيقة المذبحة التى يتعرض لها الشعب السورى، وليسوا آخرهم بطبيعة الحال. فهناك من سبقوهم على درب الشهادة دفاعا عن الحقيقة من إعلاميين غربيين ومثقفين وفنانين سوريين. وقبل هؤلاء وبعدهم هناك أكثر من ثمانية آلاف سورى قتلهم الجيش والأمن والشبيحة، وكانت كل جريمتهم أنهم كانوا يحلمون بوطن يتمتع ببعض الحرية والكرامة.
إن أولئك الإعلاميين الغربيين الشجعان لم يكونوا مضطرين للمغامرة بحياتهم لأجل أن يعلنوا الحقيقة للعالم، لكنهم حين فعلوها تعبيرا عن إخلاصهم للمهنة، فينبغى أن نعترف لهم بالفضل وأن نسجل أسماءهم بحروف من نور ضمن قائمة شهداء الحقيقة، ليس فقط لأنهم فعلوا ما فعلوه، وإنما أيضا لأنهم فعلوا ما كان ينبغى أن يسبقهم إليه الإعلاميون العرب الذين تحولوا ـ للأسف ـ إلى مجرد «مراقبين» للحدث ومتفرجين عليه.
لقد تناقلت وكلات الأنباء يوم الأربعاء الماضى «22/2» نبأ مقتل صحفيين غربيين فى حمص، واحدة أمريكية الأصل هى مارى كولفن التى كانت تعمل لصحيفة صنداى تايمز البريطانية. الثانى مصور فرنسى هو ريمى أوشليك الذى يعمل لوكالة «إى بى 3 برس». أبهرتنى قصة مارى كولفن التى قرأت أنها فقدت إحدى عينيها جراء شظية أصابتها أثناء العمل فى سريلانكا عام ٢٠٠1، وبسبب من ذلك فإنها ظهرت فى الصور وقد غطت عينها برقعة سوداء، وبسبب دأبها وشجاعتها فإنها حصلت على عدة جوائز تقديرا لعملها المتميز، أما زميلها أوشليك فهو مصور قام بتغطية الصراع فى هايتى وتابع الانتفاضات التى شهدتها تونس ومصر وليبيا. وبسبب تميزه فإنه نال عدة جوائز من بعض المنظمات الصحفية.
فى التقارير التى نشرت عن قصة الصحفيين أن مارى كولفن تميزت بدرجة عالية من الجرأة والإقدام. حتى أنها كانت تخرج تحت جنح الظلام للتجول ومقابلة الناس للتعرف على معاناتهم فى حمص. فى حين أنها كانت حريصة على الذهاب إلى الأماكن التى يتم قصفها لترصد مظاهر الدمار فى المدينة المنكوبة، التى تتعرض لانتقام النظام السورى وعقابه الوحشى. إذ لم يكتف بدك البيوت وإنما عمد إلى قطع التيار الكهربائى وحرمان المدينة من التموين والوقود والدواء.
قبل 24 ساعة من استهداف المكان الذى تواجدت فيه كانت مارى كولفين قد ظهرت فى أحد برامج قناة سى.إن.إن الأمريكية متحدثة عن تدمير حمص ومكذبة لمختلف الادعاءات التى يروج لها النظام السورى عن وجود «إرهابيين» مسلحين بالمدينة. وكان الرد هو قتلها وتدمير البيت الذى كانت تقيم فيه.
زميلها المصور أوشليك اعتبره النظام السورى يقوم بدور أخطر، لأن أمثاله من المصورين كانوا يوثقون الفضيحة ويعممونها على العالم الخارجى. وعلى حد تعبير الناشطين فإن حاملى آلات التصوير يعدون من وجهة نظر النظام هدفا يحتل الأولوية فى التصفية، بحيث يقدمون على حاملى السلاح.
كانت مارى كولفين تجوب المدينة تحت جنح الظلام فى الليل تجنبا للقناصة، ولكن أوشليك كان مضطرا للتسلل أثناء النهار بعيدا عن أعين القناصة لكى يؤدى عمله. وتقول التقارير الصحفية إن الناشطين السوريين كانوا قد استأجروا بناية من أربعة طوابق لاستضافة الإعلاميين الأجانب، وأن عشرين منهم توافدوا على المكان خلال الفترة الأخيرة. وعادة ما كانوا يقيمون فى الطابق الأرضى الذى يستخدم كقبو للحماية. ولأن السلطات السورية قامت بقطع الخدمات الأساسية عن المدينة من ماء وكهرباء واتصالات، الأمر الذى يجعل الاتصال بالخارج مستحيلا، فإن النشطاء لجأوا إلى استخدام المولدات الكهربائية التى تعمل بالوقود. وبعد نفاد الوقود لجأوا إلى بطاريات السيارات التى يتم تحويلها إلى تيار كهربائى 220 فولت، يستخدم فى توفير الكهرباء للأجهزة الإلكترونية اللازمة لأداء عمل الصحفيين.
حين قصفت البناية كان فى الداخل سبعة من الصحفيين، الذين هرعوا إلى الخارج سواء لتسجيل الحدث أو تصويره، إلا أن القصف استمر فقتل من قتل وأصيب من أصيب. وكانت الصحفية الفرنسية أديث بوفييه مراسلة صحيفة «لوفيجارو» من بين الذين أصيبوا إصابة خطرة. وهى الآن بين الحياة والموت.
هؤلاء ليسوا أول الإعلاميين الشجعان الذين ذهبوا لكى ينقلوا إلى العالم حقيقة المذبحة التى يتعرض لها الشعب السورى، وليسوا آخرهم بطبيعة الحال. فهناك من سبقوهم على درب الشهادة دفاعا عن الحقيقة من إعلاميين غربيين ومثقفين وفنانين سوريين. وقبل هؤلاء وبعدهم هناك أكثر من ثمانية آلاف سورى قتلهم الجيش والأمن والشبيحة، وكانت كل جريمتهم أنهم كانوا يحلمون بوطن يتمتع ببعض الحرية والكرامة.
إن أولئك الإعلاميين الغربيين الشجعان لم يكونوا مضطرين للمغامرة بحياتهم لأجل أن يعلنوا الحقيقة للعالم، لكنهم حين فعلوها تعبيرا عن إخلاصهم للمهنة، فينبغى أن نعترف لهم بالفضل وأن نسجل أسماءهم بحروف من نور ضمن قائمة شهداء الحقيقة، ليس فقط لأنهم فعلوا ما فعلوه، وإنما أيضا لأنهم فعلوا ما كان ينبغى أن يسبقهم إليه الإعلاميون العرب الذين تحولوا ـ للأسف ـ إلى مجرد «مراقبين» للحدث ومتفرجين عليه.