بعد الثورة ظهرت مؤسسات تحت التجربة..بعضها موجود بحكم الواقع مثل مجلس الوزراء والمجلس العسكرى وبعضها منتخب مثل البرلمان ولا يوجد بعد ذلك إلا مؤسسات تلعب أدواراً خاصة ..و كان الكثير من المنتفعين من نظام الرئيس السابق حسنى مبارك يموتون عشقاً فى النظام الأمريكى فيتفقون معه اتفاقاً غالباً ما يكون غير مكتوب..أو يتعرضون لأمريكا ولإسرائيل بالهجوم و الإنتقاد لسياستها فى العلن و فى المناسبات السياسية ..بينما هم يرسلون لمبارك و أجهزته رسالة مكتوب فيها “متصدقش..ده كلام كده وكده..”فيأمر الرئيس أجهزته بتقديم هؤلاء الناس فى الإعلام الرسمى ليقوموا بدور المعارضة الوطنية فى المسرحية الهزلية ..
و من هنا يا سادة فنحن لا نصدق هذا الهجوم الحكومى على أمريكا لا من الوزيرة ولا من المجلس العسكرى..كما أن هذه الشجاعة التى ظهرت فجأة ..معروفة الأهداف..و من هذه الأهداف أن يتم الربط بين الثورة المستمرة وبين التمويل الأمريكى ومنها أن يتم صناعة بطولة وطنية للقائمين على الحكم ومنها الضغط على صديقهم و حبيبهم الأمريكى لكى يساند خطة انتقال السلطة التى بدأت بلعبة الإعلان الدستورى وانتهت بالمادة 28 من هذا الإعلان التى ستأتى بالرئيس الذى يتم اختياره و تعيينه من المجلس العسكرى..ومنها أن المجلس العسكرى خشى من أن يسحب الإحوان المسلمون البساط من تحت أقدامهم بعدما ظهر ارتباط واهتمام الأمريكان بالحوار فقط مع الإخوان المسلمين مع تجاهل المجلس العسكرى فأراد المجلس العسكرى أن يقول لصديقته أمريكا ” نحن هنا”.. أما حكاية استقلال القرار الوطنى ومنع المعونة الأمريكية فنحن أول من يرحب بها وبجهود الأزهر فيها ..لكن بشرط ألا تخضع للتوجيه من المجلس العسكرى خدمة لأهدافه الخاصة..المهم أنه من اللازم أن نثق فى أن أمريكا تسكن قلوبهم وألا ننخدع بما يظهره البعض ..من حركات مكشوفة، ذلك أنهم مع الأسف الشديد لم يقترح أحد منهم إلغاء اتفاقية ” الكويز” والتى هى وسيلة تمويل الخزينة الصهيونية من شعب مصر بأمر من أمريكا التى فرضت علينا شراء ما يقرب من ثلث مكونات أى سلعة صناعية من إسرائيل و بالأسعار التى تحددها دولة الصهاينة .. أما آخر الأحزان التى سوف أسوقها إليكم فهى عن الجدار العازل…ففى الوقت الذى كنا نقيم الدنيا ولا نقعدها فوق رأس الرئيس المخلوع وقت أن قرر بناء الجدار العازل بين مصر وشعب غزة المحاصر.. أتعجب الآن من ذلك الصمت الرهيب من البرلمان و حكومة المجلس العسكرى ..بل من المجلس العسكرى نفسه..و سبب هذا الصمت يا سادة هو سيطرة العدو الأمريكى على الحكم فى مصر ..و لن تتخلص مصر من هذه السيطرة إلا إذا حكمها من يحررها من سيطرة الصهاينة و الأمريكان ..أما حكاية الفرقعة الإعلامية و ضبط المنظمات التى تعمل دون ترخيص..و تبادل العبارات مع النظام الأمريكى..فهذا كلام لم يعد له أى تأثير علينا .. وسأذكركم يا سادة بأن كل ما يحدث الآن أنما هو اصطناع الاختلاف مع أمريكا و سوف يزول بعد شهر على الأكثر و لن تسمعوا عن محاكمات أو غير محاكمات ..والذى أنا واثق فيه أننا لن نسمع أيضاً عن إلغاء اتفاقية كامب ديفيد، ولاإلغاء اتفاقية الكويز ولاإلغاء أى اتفاقية يكون طرفها الثانى أمريكا وإسرائيل ..و من يريد أن يظهر لنا غير ذلك من السادة أصحاب القرار .. فيظهر لنا عضلاته…بقرار حقيقى يعبر عن عودة السيادة المصرية على القرار المصرى, وكما قال صلاح جاهين فى الليلة الكبيرة :
“ورينا القوة يا بنى انت وهو…مين عنده مروة ..و عاملى فتوة…يقدر بقدارة على زق التارة.. ويفرقع بمبة”
و عجبى
مختار نوح