حسني الدمراوي يكتب.. لماذا يحضر مبارك المحاكمة على ظهره؟


حسني الدمراوي يكتب في لماذا يحضر مبارك المحاكمة على ظهره؟


محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك وأبنائه ووزير داخليته الأسبق حبيب العادلي وكبار مساعديه، ربما تكون النتيجة الملموسة الوحيدة التي حققتها ثورة 25 يناير والتي أعادت للشعب المصري حقيقةً ظلت غائبة طوال ثلاثين عاما خلت، وهي أن الجميع متساوون أمام القضاء ولكن "لكل شيء إذا ما تم نقصان".

مشهدان يحدثان كل جلسة يشوهان المحاكمة وينتقصان منها ويستفزان المراقب ويبعثان على الشكّ في نهاية تلك المحاكمة وإمكانية صدور حكم بإدانة المتهمين، خاصة في ظل حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع المصري تجاه ما حدث في أيام الثورة من قتل وانتهاك للمتظاهرين.

المشهد الأول

صورة الرئيس المخلوع أثناء المحاكمة مستلقيا على ظهره وقدميه في مواجهة المنصة وجمهور المحامين والحاضرين، وارتداؤه ترينج جديدا بلون مختلف مع كل جلسة من جلسات المحاكمة. ولن أتطرق إلى الطائرة وسيارة الإسعاف والحراسة المشددة وحالة الطوارئ التي تحيط بيوميات المحاكمة أو حتى المستشفى السبع نجوم التي يعالج فيها، فقط أنظر هنا إلى هيبة المحكمة التي ينتقص منها هذا المشهد.

هذه الأمور وإن بدت شكلية إلا أنني أرى أن التدخل لمنعها أمر في غاية الأهمية. وأتعجب من هيئة المحكمة التي تسمح له بحضور الجلسات في هذه الصورة المستفزة والتي تعطي نموذجا صارخا في التمييز، خاصة وأن مبارك لم يعد رئيسا وإنما هو الآن مواطنا عاديا متهما.

المشهد الثاني

صورة جلوس حبيب العادلي في قفص الاتهام ووضعه بين مساعديه على النحو الذي كان عليه في وزارته. فهو يجلس في صف منفرد وكل مساعديه يجلسون على صفين، وكأنه ما زال في ديوان وزارته وليس في قفص اتهام يكون فيه كل المتهمين متساوين.

جلوس العادلى بهذه الطريقة في جلسات المحاكمة يعطي انطباعا لكل المصريين بأنه لا يأبه بالمحاكمة لكونه ما زال يتمتع في محبسه بمستلزمات مكانته الوظيفية السابقة. بل أكثر من ذلك نشاهد مساعديه يقبعون خلفه وكأنهم في انتظار أن يوزع عليهم أعمالهم، وفي عيونهم انكسار المرءوس لرئيسه. ليس هذا فقط بل نلاحظ أنه عند دخول القاعة وخروجه منها يتقدمهم ثم يأتون خلفه بدرجاتهم وأقدميتهم، وعند نقلهم من مكان المحاكمة لطرة نجده يستقل سيارة منفردا.

رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت مُطالَب الآن بالتدخل للقضاء على هذا التمييز انطلاقا من نقطتين، أولهما: أن جميع هؤلاء المتهمين هم الآن مواطنون عاديون. وثانيهما: حساسية المحاكمة التي يشاهدها آباء وأمهات فقدوا أبناءهم ويرون في هؤلاء المتهمين "قتلة"، ويشاهدها أيضًا مواطنون يرون في المحاكمة عبورا بمصر إلى عصر الديمقراطية وسيادة القانون.

** مدير مركز البحوث والدراسات
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

0 التعليقات

شارك بتعليقك

:: تصميم : ويب توفيل | تعريب وتطوير مدونة الاحرار - 2012 | | تحويل القالب الي بلوجر سمبل دزاين | تابعنا على الفيس بوك | سياسة الخصوصية::